للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا)

«١» يقول: لا تجهر بصلاتك فيفرّوا «٢» عنك، ولا تخافت بها، فلا يسمعها من يحبّ أن يسمعها ممّن يسترقها دونهم لعلّه يرعوى إلى بعض ما يسمع فينتفع به.

ذكر أوّل من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم

روى عن عروة بن الزّبير عن أبيه قال: كان أوّل من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود. قال: اجتمع يوما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قطّ «٣» من رجل يسمعهموه. فقال عبد الله بن مسعود: أنا؛ قالوا:

إنّا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه، قال:

دعونى، إن الله سمينعنى؛ قال: فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام فى وقت الضّحى وقريش فى أنديتها، ثم قال رافعا صوته: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. الرَّحْمنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ)

«٤» ثم استقبلها يقرؤها، وتأمّلوه فجعلوا يقولون: ماذا قال ابن أمّ عبد؟ ثم قالوا: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمّد؛ فقاموا إليه فجعلوا يضربون فى «٥» وجهه وهو يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثّروا بوجهه، فقالوا: هذا الذى خشينا عليك. قال: ما كان أعداء الله أهون علىّ منهم الآن، وإن شئتم لأغادينّهم بمثلها غدا؛ قالوا: لا، حسبك، قد أسمعتهم ما يكرهون.

والله الموفّق.