قال الثعلبىّ رحمه الله تعالى فى بعض طرقه عن محمد بن إسحاق: إنّ خراب بيت المقدس ثانيا وقتل بنى إسرائيل كان بعد رفع عيسى بن مريم وقتل يحيى بن زكريّا. فلمّا فعلوا ذلك سلّط الله تعالى عليهم ملكا من ملوك بابل يقال له خردوس «١» ، فسار اليهم بأهل بابل حتى دخل عليهم الشام؛ فلمّا ظهر عليهم أمر رأسا من رءوس أجناده يدعى نبوزرادان «٢» صاحب الفيل «٣» فقال له: إنى قد كنت حلفت بالهى إن أنا ظهرت على أهل بيت المقدس لأقتلنّهم حتى تسيل دماؤهم فى وسط عسكرى إلى ألّا أجد أحدا أقتله، فأمره أن يقتلهم حتى يبلغ ذلك منهم، وأن نبوزرادان دخل بيت المقدس فقتلهم فى البقعة التى كانوا يقرّبون فيها قربانهم، فوجدوا فيها دما يغلى فسألهم عنه فقالوا: هذا دم قربان قرّبناه فلم يتقبّل منّا فلذلك هو يغلى كما تراه، ولقد قرّبنا منذ ثمانمائة سنة القربان فتقبّل منّا إلّا هذا القربان. فقال:
ما صدقتمونى الخبر. قالوا له: لو كان كأوّل دمائنا لقبل ولكنّه قد انقطع منّا الملك والنبوّة والوحى فلذلك لم يقبل. فذبح منهم نبوزرادان على ذلك الدم سبعمائة وسبعين روحا من رءوسهم فلم يهدأ، فأمر بسبعة آلاف من سبيهم فذبحهم على الدم فلم يبرد. فلمّا رأى نبوزرادان أن الدم لا يهدأ قال لهم: ويلكم يا بنى إسرائيل! اصدقونى واصبروا على أمر ربكم، فقد طالما ملكتم الأرض تفعلون فيها ما شئتم، قبل