كانت وفاته رحمه الله فى اليوم الحادى والعشرين من ذى الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، وعمره ست وثمانون سنة وعشرة أشهر. وكانت مدّة خلافته إحدى وأربعين سنة وأربعة أشهر إلا أياما. وكان حليما كريما خيّرا يحبّ الخير وأهله ويأمر به، وينهى عن الشرّ ويبغض أهله. وكان حسن الاعتقاد، وصنّف كتابا على مذهب السنة. وكان يخرج من داره فى زىّ العامّة ويزور قبور الصالحين كقبر معروف الكرخىّ وغيره.
قال القاضى الحسين بن هارون: كان بالكرخ ملك ليتيم وكان له قيمة جيّدة، فأرسل إلىّ ابن حاجب النعمان- وهو حاجب القادر بالله- يأمرنى أفكّ الحجر عنه ليشترى بعض أصحابه ذلك الملك فلم أفعل فأرسل إلى يستدعينى فقلت لغلامه:«تقدمنى حتى ألحقك» وخفته وقصدت قبر معروف الكرخى فدعوت الله أن يكفينى شرّه وهناك شيخ فقال: «على من تدعو؟» فذكرت له الخبر ووصلت إلى الحاجب فأغلظ لى فى القول ولم يقبل عذرى، فأتاه خادم برقعة ففتحها فقرأها فتغير لونه واعتذر إلى ثم قال:«كتبت إلى الخليفة رقعة؟» / قلت:
«لا» وعلمت أن ذلك الشّيخ كان الخليفة! وقيل إنه كان يقسم إفطاره كلّ ليلة ثلاثة أقسام؛ فقسم يتركه بين يديه، وقسم يرسله إلى جامع الرصافة، وقسم يرسله إلى جامع المدينة يفرّقه على المقيمين فيهما. فاتّفق أن الفرّاش حمل