للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعجب المتوكل، وأحسّت بمكانه فأمرت بخدمها فخرجوا وتنحيّنا، وخرجت إليه فحدّثته أنها رأته فى منامها فانتبهت وقالت هذه الأبيات وغنّت فيها؛ فحدّثها هو أيضا رؤياه واصطلحا. فلما قتل المتوكل سلاه جميع جواريه غيرها؛ فإنها لم تزل حزينة هاجرة لكل لذّة حتى ماتت. ولها فيه مراث.

حكى أبو الفرج: أنّ وصيفا بعد قتل المتوكل أحضرها يوما وأحضر الجوارى، فجئن وعليهن الثياب الملوّنة المذهبة والحلىّ وقد تزيّنّ وتعطّرن، وجاءت محبوبة وعليها ثياب بيض غير فاخرة حزنا على المتوكل. فغنّى الجوارى جميعا وشربن، وطرب وصيف وشرب. ثم قال: يا محبوبة، غنّى؛ فأخذت العود وغنّت وهى تبكى:

أىّ عيش يطيب لى ... لا أرى فيه جعفرا

ملكا قد رأته عي ... نى قتيلا معفّرا

كلّ من كان ذا هيا ... م وحزن فقد برا

غير محبوبة التى ... لو ترى الموت يشترى

لاشترته بملكها ... كلّ هذا لتقبرا

إنّ موت الكثيب أص ... لح من أن يعمّرا

فاشتدّ ذلك على وصيف وأمر بقتلها؛ فاستوهبها بغا منه فوهبها له. فأعتقها وأمر بإخراجها وأن تكون حيث تختار من البلاد. فخرجت إلى بغداد من سرّ من رأى، وأخملت ذكرها طول عمرها؛ وما طمع فيها أحد. رحمها الله تعالى.

ذكر أخبار عبيدة الطّنبوريّة

قال أبو الفرج الأصفهانى: كانت عبيدة الطّنبوريّة من المحسنات المتقدّمات فى الصّنعة والأدب، شهد لها بذلك إسحاق بن إبراهيم الموصلىّ؛ قال: وحسبها