قطع بها نهر أبى الخصيب، لتمتنع الشذا من دخوله، فحازها أبو العباس وأخذها معه، وعاد الموفّق بالناس مع المغرب مظفّرا، وأصيب صاحب الزنج في نفسه وماله، وجرح ابنه انكلاى في بطنه جرحا أشفى منه على الهلاك.
[ذكر غرق نصير صاحب الشذا]
قال: وفي يوم الأحد لعشر بقين من شعبان غرق أبو حمزة نصير وهو صاحب الشذاوات، وكان سبب غرقه أن الموفّق بكّر إلى القتال وأمر نصيرا بقصد قنطرة لصاحب الزنج، كان عملها في نهر أبى الخصيب دون الجسرين، اللذين كان اتخذهما على النهر، وفرّق أصحابه من الجهات، فعجّل نصير فدخل في أوّل المدّ في عدة من شذاواته، فحملها الماء فألصقها بالقنطرة، ودخلت عدّة من شذاوات الموفّق مع غلمانه، ولم يأمرهم بالدخول فضلّت شذاوات نصير ولم يبق للملّاحين فيها عمل، ورأى الزنج ذلك فاجتمعوا على جانبى النهر، وألقى الملّاحون أنفسهم في الماء خوفا من الزنج، ودخل الزنج الشذاوات فقتلوا بعض المقاتلة، وغرق أكثرهم، وصابرهم نصير حتى خاف الأسر، فقذف بنفسه في الماء فغرق، وأقام الموفّق يومه ذلك يحاربهم وينهبهم ويحرق منازلهم، ولم يزل يومه مستعليا عليهم، وكان سليمان بن جامع ذلك اليوم من أشد الناس قتالا لأصحاب الموفّق، وثبت مكانه حتى خرج عليه كمين للموفّق فانهزم أصحابه، وجرح سليمان جراحة في ساقه، فسقط لوجهه في مكان كان به حريق وفيه بعض الجمر فاحترق بعض جسده، وحمله أصحابه بعد أن كاد يؤسر، وانصرف