للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن لطيف ما جاء فى هذا المعنى من التشبيه قول الأخطل فى مصلوب:

أو قائم من نعاس فيه لوثته «١» ... مواصل لتمطّيه من الكسل

شبّهه بالمتمطّى «٢» ، لأنّ المتمطّى يمدّ يديه وظهره ثم يعود إلى حالته الأولى، فزاد فيه أنّه مواصل لذلك، وعلّله بالقيام من النعاس لما فى ذلك من الّلوثة والكسل.

قال: والتشبيه ليس من المجاز، لأنه معنى من المعانى، وله ألفاظ تدلّ عليه وضعا فليس فيه نقل اللفظ عن موضوعه، وإنّما هو توطئة لمن يسلك سبيل الاستعارة والتمثيل، لأنه كالأصل لهما وهما كالفرع له، والذى يقع منه فى حيّز المجاز عند أهل هذا الفنّ هو الذى يجىء على حدّ الاستعارة، كقولك لمن يتردّد فى الأمر [بين «٣» ] أن يفعله أو يتركه: «أراك تقدّم رجلا وتؤخّر أخرى» والأصل فيه أراك فى تردّدك كمن يقدّم رجلا ويؤخر أخرى.

[وأما الاستعارة]

- فهى ادعاء معنى الحقيقة فى الشىء للمبالغة فى التشبيه مع طرح ذكر المشبّه من البيّن «٤» لفظا وتقديرا. وإن شئت قلت: هو جعل الشّىء الشّىء [أو جعل «٥» الشىء للشىء] لأجل المبالغة فى التشبيه.

فالأوّل كقولك: لقيت أسدا وأنت تعنى الرجل الشجاع.

والثانى كقول لبيد:

إذ «٦» أصبحت بيد الشمال زمامها

أثبت اليد للشمال مبالغة فى تشبيهها بالقادر فى التصرف فيه على ما يأتى بيان ذلك.