فأراهم المخافة على نفسه وعظّم عليهم الخطب وسألهم تعداد أسمائهم ومن معهم، فذكروا له جميع من معهم من أعيان البلد وصاحب الحكم يكتب أسماءهم، فقال لهم محمد بن القاسم:
يكون هذا الأمر يوم الجمعة إن شاء الله تعالى فى المسجد الجامع! فانصرفوا ومشى إلى الحكم مع صاحبه فأعلماه جلية الحال.
وكان ذلك يوم الخميس. فما جاء الليل حتى حبس الجماعة عن آخرهم، ثم أمر بهم بعد أيام فصلبوا عند قصره/ وكانوا اثنين وسبعين رجلا، وكان يوما شنيعا ثم كانت وقعة الرّبض بعد ذلك على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
[ذكر ايفاع الحكم بأهل طليطلة وهى وقعة الحفرة]
قال «١» : وفى سنة إحدى وتسعين ومائة أوقع الحكم بأهل طليطلة، فقتل منهم ما يزيد على خمسة آلاف رجل من أعيان أهلها. وكان سبب ذلك أن أهل طليطلة كانوا قد طمعوا فى الأمراء وخلعوهم مرّة بعد أخرى، وقويت نفوسهم؛ لحصانة بلدهم وكثرة أموالهم، فلم يكونوا يطيعون أمراءهم طاعة مرضية. فلما أعيا الحكم شأنهم أعمل الفكرة. فاستعان بعمروس بن يوسف المعروف بالمولد، وكان قد ظهر فى هذا الوقت بالثّغر الأعلى، وأظهر طاعة الحكم ودعا إليه فاطمأن إليه لهذا السبب. واستقدمه فقدم عليه، فبالغ الحكم فى إكرامه وأطلعه على عزمه فى أهل طليطلة فوافقه عليه.