قد قدم» وخوفوه عاقبة أمره، فرحل ملك الألمان إلى بلاده، وتسلم الفرنج بانياس، كما وقع الاتفاق عليه، وعاد سيف الدين إلى الموصل.
[ذكر وفاة سيف الدين غازى ابن عماد الدين زنكى]
كانت وفاته فى أواخر جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وخمسماية بالموصل لمرض حاد، ودفن بمدرسته التى بناها بالموصل. فكانت ولايته ثلاث سنين وشهرا وعشرين يوما، وعمره نحوا من أربع «١» وأربعين سنة. وخلف ولدا ذكرا رباه عمه نور الدين محمود أحسن تربية، وزوجه بابنة عمه قطب الدين، ولم تطل مدته، ومات فى عنفوان «٢» شبابه، وانقرض عقب غازى بوفاته.
قال: وكان سيف الدين غازى يمد لعسكره فى كل يوم سماطا كبيرا، طرفى النهار يكون فى سماطه للغذاء مائة رأس من الغنم، وأمر الأجناد أن يركبوا بالسيوف والدبابيس، فاقتدى به أصحاب الأطواف وهو أول من حمل على رأسه السنجق من عمال الأطراف، وبنى المدرسة الأتابكية العتيقة بالموصل، ووقفها على طائفتى الشافعية والحنفية، وبنى رباط الصوفية بالموصل. ولم تطل أيامه حتى يفعل ما فى نفسه من وجوه البر، رحمه الله. وسنذكر إن شاء الله تعالى من ملك الموصل بعده إذا انقضت أخبار الشهيد نور الدين وولده.