إنّ روح بن حاتم قد ثقل علينا. قالت: فما أصنع وقد غمر مولاى ببرّه! قال:
احتالى له. فبات عندهم روح ليلة، فأخذت سراويله وهو نائم فغسلته. فلما أصبح سأل عنه، فقالت: غسلناه. فظنّ أنه أحدث فيه فاحتيج إلى غسله فآستحيا من ذلك فانقطع عنهم؛ وخلا وجهها لابن جميل.
ذكر أخبار عنان جارية الناطفىّ
قال أبو الفرج الأصفهانىّ: كانت عنان مولّدة من مولّدات اليمامة، وبها نشأت وتأدّبت، واشتراها الناطفىّ وربّاها. وكانت صفراء جميلة الوجه شكلة مليحة الأدب والشعر سريعة البديهة، وكان فحول الشعراء يساجلونها ويعارضونها فتنتصف منهم. ولها مع أبى نواس الحسن بن هانئ وغيره من الشعراء والفضلاء معاياة ومراجعات، نذكر منها طرفا.
قال أبو حبش: قال لى النّاطفىّ: لو جئت إلى عنان فطارحتها! فعزمت على الغدوّ إليها، وبتّ ليلتى أحوك بيتين، ثم غدوت عليها فأنشدتها:
أحبّ الملاح البيض قلبى وربّما ... أحبّ الملاح الصّفر من ولد الحبش
بكيت على صفراء منهنّ مرّة ... بكاء أصاب العين منّى بالعمش
فقالت عنان:
بكيت عليها إنّ قلبى يحبّها ... وإنّ فؤادى كالجناحين ذو رعش
تعنّيتنا بالشعر لمّا أتيتنا ... فدونك خذه محكما يا أبا حبش
وقال مروان بن أبى حفصة: لقينى الناطفىّ فدعانى إلى عنان، فانطلقت معه. فدخل إليها قبلى فقال: جئتك بأشعر الناس مروان بن أبى حفصة؛ فوجدها