للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها وصل متملّك [١] دنقلة وبلاد النوبة إلى الأبواب السلطانية، وأحضر صحبته التّقدمة الجارى بها العادة، والبقط [٢] من الرّقيق والهجن والثمار والسنباذج [٣] وغير ذلك، وسأل السلطان معه عسكرا لينهض به على أعدائه الذين يؤخرون مطيعه؛ فجرّد معه الأمير سيف الدين طقصبا فى طائفة من العسكر فتوجّه بهم وأغار وأوغل فى بلاد النّوبة وعاد.

[ذكر ما وقع فى هذه السنة بدمشق من الحوادث والولايات]

كان مما وقع فى هذه السنة بدمشق أن نائب السلطنة بها الأمير جمال الدين آقش [٤] الأفرم أمر بعقد مجلس لنجم الدين أبى بكر ابن القاضى بهاء الدين خلّكان، وسماع ما يدّعيه، وكان قد تكرر منه أنه حكيم الزمان، وأنه يخاطب بكلام يشبه الوحي بزعمه، وذكر ألفاظا يدّعى أنه خوطب بها وهى:

يا أيها الحكيم افعل كذا، وأشباه ذلك، وادعى أنّه قد آطلع على علوم كثيرة؛ منها: عمل طبل إذا ضرب به انهزم جيش العدوّ، وعمل طلسم إذا كان مع الملك وأحضر إلى مجلسه السّم حصل للملك أعراض، يعلم ذلك منها، وأشباه هذا من الأعمال، فأحضر بين يدى نائب السلطنة وحضر المجلس الشيخ صدر الدين ابن الوكيل [٥] والشيخ كمال الدين بن الزملكانى [٦] خاصّة، وطولب بإقامة البرهان على صّحة دعواه، فلم يأت بما يدل على ذلك، فاعتذر عنه عند


[١] سماه المقريزى فى السلوك ٢/١: ٧ «أياى» ويذكر القلقشندى فى صبح الأعشى ٥: ٢٧٦ «أن ملك النوبة فى أيام السلطان الناصر محمد بن قلاوون رجل اسمه أمى. وقد توفى سنة ٧١٦ هـ.
[٢] البقط: هو ما يقبض من سبى النوبة فى كل عام، ويحمل إلى مصر ضريبة عليهم. وقد تقرر هذا البقط على النوبة فى عهد إمارة عمرو بن العاص، لما بعث عبد الله بن سعد بن أبى السرح بعد فتح مصر إلى النوبة سنة عشرين- وقيل سنة إحدى وعشرين من الهجرة. وكان البقط فى عهد الملك الظاهر بيبرس البندقدارى سنة ٦٧٤ هـ فى كل سنة ثلاثة أفيال، وثلاث زرافات، وخمسة فهود من إناثها، ومائة نجيب إصهيب وأربعمائة رأس من البقر المنتجة مع البقط القديم وهو أربعمائة رأس من الرقيق فى كل سنة وزرافة، على أن يدفع مقابل ذلك ألف إردب من القمح وثلاثمائة إردب. (خطط المقريزى ٣: ٣٥٢ وما بعدها ط بيروت) .
[٣] السنباذج: هو مادة حجرية للجلاء. واللفظ فى السلوك ٢/١: ٨ وهامشها بدال غير منقوطة بدل الذال.
[٤] وترسم «آقوش» كما فى النجوم الزاهرة ٨: ١٠٥.
[٥] لفظ «ابن» سقط من ك. وهو صدر الدين محمد بن عمر بن مكى بن عبد الصمد الشهير بابن المرحل وبابن الوكيل- توفى سنة ٧١٦ هـ (السلوك ٢/١: ٦٥، ٧٤، ١٦٧، وشذرات الذهب ٦: ٤٠، والنجوم الزاهرة ٩: ٢٣٣) .
[٦] هو كمال الدين محمد بن علاء الدين على بن كمال الدين عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف بن نبهان الزملكانى الشافعى. توفى سنة ٧٢٧ هـ (البداية والنهاية ١٤: ١٣١، والوافى بالوفيات ٤: ٢١٤، والدرر الكامنة ٤: ١٩٢، وطبقات الشافعية للسبكى ٩: ١٩٠، والنجوم الزاهرة ٩: ٢٧٠، والسلوك ٢/١: ٢٩٠، وذيول العبر ص ١٥٤ وشذرات الذهب ٦: ٧٨) .