للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها فى جمادى الآخرة وصلت طائفة من التّتار الذين هم شرقى الفرات إلى بلد كركر، وأغاروا عليها، [٤٨] وكان هناك سيف الدين بتخاص أحد مماليك الأمير شمس الدين قراسنقر نائب السلطنة بحلب، فتوجّه بجماعة من الرجالة وكبس التتار، وأوقع بهم واستظهر عليهم، وأسر بعضهم وحضر إلى الأبواب السلطانية فأنعم عليه.

[ذكر توجه السلطان الملك الناصر إلى الكرك]

وإقامته بها وفى هذه السنة أظهر السلطان أنه قد عزم على الحجاز الشريف وأشاع ذلك وأذاعه، وأظهر الاهتمام به وأمر بجهازه: وتجهز معه جماعة من مماليكه الذين اختارهم، وبرز من قلعة الجبل المحروسة فى يوم السبت الرابع والعشرين من شهر رمضان، وركب الأمراء فى خدمته لوداعه فأعاد الأمير سيف الدين سلّار وركن الدّين بيبرس إلى قلعة الجبل، واستقل ركابه، وعيّد عيد الفطر بالصالحية [١] ثم سار ووصل إلى قلعة الكرك فى يوم الأحد العاشر من شوال منها ولما صعد إلى الكرك تقدمت الأثقال والبيوتات السلطانية، ومرت على الجسر الخشب المنصوب على الخندق بباب القلعة، ثم مر السلطان على الجسر المذكور وحوله مماليكه، الخاصكية وأرباب الوظائف، وازدحموا على الجسر فضعف عن حملهم فتكسرت أخشابه، وقد صارت [٢] يدا فرس السلطان داخل باب القلعة وأطراف حوافر رجليه على الجسر فوثب الفرس به فصادر داخل القلعة، فسلم وانكسر الجسر بمن كان عليه من الخاصكية فسقطوا إلى أسفل الخندق، وهو من أعمق الخنادق وأبعدها، فسقط بعضهم على بعض فسلموا كلهم إلا اثنين منهم أحدهما الأمير عز الدين أزدمر الحاج رأس نوبة الجمدارية فإنه انقطع نخاعه، وبطل نصفه مما يلى رجليه، وعاش كذلك إلى أن مات فى سنة عشر وسبعمائة بعد عود السلطان إلى الديار المصرية.


[١] الصالحية قرية من قرى الشرقية مركز فاقوس، وأنشأها الملك الصالح نجم الدين أيوب ٦٤٤ هـ على بداية الطريق من مصر إلى الشام لتكون منزلة للعساكر (محمد رمزى: القاموس الجغرافى، ق ٢ ج ١، ص ١١٢) .
[٢] فى ك «سارت» والمثبت من ص.