فاعلم أن المرأة الى رجلين أحوج من الرجل الى امرأتين. فنقض عمته وترك ما كان قد همّ به.
[ذكر شىء من نوادر العميان]
قال إبراهيم بن سيابة لبشّار الأعمى: ما سلب الله من مؤمن كريمتيه إلا عوّضه عنهما: إمّا الحفظ والذكاء، وإمّا حسن الصوت. فما الذى عوّضك الله عن عينيك؟ قال: فقد «١» النظر لبغيض ثقيل مثلك! ونظير هذه الحكاية ما حكى عن بعضهم، قال: خرجت ليلة من قرية لبعض شأنى، فإذا أنا بأعمى على عاتقه جرّة وبيده سراج، فلم يزل حتى انتهى إلى النهر، وملأ جرّته وعاد. قال: فقلت له: يا هذا، أنت أعمى، والليل والنهار عندك سواه، فما تصنع بالسراج؟ قال: يا كثير الفضول، حملته لأعمى القلب مثلك، يستضىء به لئلا يعثر في الظلمة، فيقع علىّ ويكسر جرّتى.
قالوا: بلغ أبا العيناء «٢» أنّ المتوكل يقول: لولا عمى أبى العيناء لاستكثرت منه؛ فقال: قولوا لأمير المؤمنين: إن كان يريدنى لرؤية الأهلّة ونظم اللآلىء واليواقيت وقراءة نقوش الخواتيم، فأنا لا أصلح لذلك؛ وإن كان يريدنى للمحاضرة والمنادمة والمذاكرة والمسامرة، فناهيك بى، فانتهى ذلك الى المتوكل فضحك منه، وأمر بإحضاره، فحضر ونادمه.
تزوّج بعض العميان بسوداء؛ فقالت له: لو نظرت الى حسنى وجمالى وبياضى لازددت فيّ حبّا. فقال لها: لو كنت كما تقولين ما تركك لى البصراء.