عسكرهم ما لا يعلم قدره، من السلاح والمتاع والرقيق والخيل، ومارئى عسكر قط كان فيه من أصناف الأشياء ما فى هذا العسكر، كان كأنه مدينة، فكان فيه من البرابط والطنابير والمزامير والخمر ما لا يحصى، وحقيق لعسكر فيه مثل ذلك أن ينهزم، وكانت هذه الوقعة بنواحى أصفهان فى شهر رجب.
[ذكر دخول قحطبة نهاوند]
قال: ولما قتل ابن ضبارة كان الحسن بن قحطبة يحاصر نهاوند، فكتب إليه أبوه بالخبر، فلما قرأ كتابه كبّر هو وجنوده ونادوا بقتله، فقال عاصم بن عمير «١» السّغدى: ما نادوا بقتله إلا وهو حق، فاخرجوا إلى الحسن قبل أن يأتى أبوه أو يمده بمدد، فقالت الرجّالة: تخرجون وأنتم فرسان وتتركونا! فقال مالك بن أدهم: لا أبرح حتى يقدم قحطبة، وأقام قحطبة بأصفهان عشرين يوما ثم سار، فقدم على ابنه بنهاوند فحصرهم ثلاثة أشهر آخرها شوّال، ونصب عليهم المجانيق، وأرسل إلى من بنهاوند من أهل خراسان يدعوهم إليه، وبذل لهم الأمان فأبوا ذلك، فأرسل إلى من بها من أهل الشام بمثل ذلك فأجابوه، وقبلوا أمانه وبعثوا إليه أن يشغل عنهم أهل البلد بالقتال، ليفتحوا له الباب ففعل ذلك، ففتح أهل الشام الباب الذى يليهم «٢» وخرجوا، فلما رأى أهل البلد ذلك سألوهم عن سبب خروجهم، فقالوا: أخذنا لنا ولكم الأمان، فخرج رؤساء خراسان، فدفع قحطبة كل رجل منهم إلى قائد من قواده، ثم أمر فنودى: من كان بيده أسير فليضرب عنقه وليأت برأسه، ففعلوا ذلك، فلم يبق أحد ممن كان قد هرب من أبى مسلم إلا قتل، إلا أهل الشام فإنه وفّى لهم وخلّى