للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبنى لهم عمرو بن العاص الحصن الّذى بالجيزة، فى سنة إحدى وعشرين، وفرغ من بنائه فى سنة اثنتين وعشرين. والله سبحانه وتعالى أعلم وحسبنا الله ونعم الوكيل.

[ذكر خبر أصل النيل وكيف كانت عادة القبط وإبطال عمرو تلك العادة]

قال [١] ابن لهيعة: لمّا فتح عمرو بن العاص مصر أتاه أهلها حين دخل بؤونة من أشهر القبط [٢] ، فقالوا له: أيها الأمير، إنّ لنيلنا هذا سنّة لا يجرى إلّا بها، فقال لهم: وما ذاك؟ قالوا:

إذا كان لثنتى عشرة ليلة تخلو من هذا الشّهر، عمدنا إلى جارية بكر من أبويها فأرضيناهما، وجعلنا عليها من الحلىّ والثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها فى هذا النّيل. فقال لهم عمرو: إنّ هذا لا يكون فى الإسلام، وإنّ الإسلام يهدم ما كان قبله.

فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى، لا يجرى كثيرا ولا قليلا؛ حتّى همّوا بالجلاء، فلمّا رأى عمرو ذلك كتب إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه بذلك، فكتب إليه: قد أصبت، إنّ الإسلام يهدم ما كان قبله، وقد بعثت إليك ببطاقة فألقها فى داخل النّيل إذا أتاك كتابى. فلمّا قدم الكتاب على عمرو فتح البطاقة؛ فإذا فيها: من عبد الله عمر أمير المؤمنين، إلى نيل أهل مصر:


[١] فتوح مصر لابن عبد الحكم ١٤٩، ١٥٠.
[٢] فتوح مصر: «من أشهر العجم» .