للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخذوا نعشا فحملوه وليس فيه أحد، فمرّوا على باب السجن ورموا النعش، وحملوا على الناس ودخلوا السجن وأخرجوا أصحابهم، وقصدوا المنصور وهم ستمائة رجل، فغلقت أبواب المدينة، وخرج المنصور من القصر ماشيا، ولم يكن فى القصر دابة، ثم أتى بدابة فركبها، وأمر بعد ذلك اليوم أن تربط دابة معه فى القصر، وخرج المنصور لهم فتكاثروا عليه حتى كادوا يقتلونه، وجاء معن بن زائدة الشيبانى- وكان مستخفيا من المنصور لقتاله مع ابن هبيرة، وكان المنصور شديد الطلب له، وقد بذل فيه مالا كثيرا، فتلثّم وترجّل وقاتل قتالا شديدا، وكان المنصور على بغلة ولجامها بيد الربيع حاجبه، فأتاه معن بن زائدة وقال: يا شيخ أنا أحق بهذا اللجام منك فى هذا الوقت وأعظم غناء، فقال المنصور: صدق، فدفعه إليه، فلم يزل يقاتل حتى حصل الظفر بالراوندية، فقال له المنصور: من أنت؟ قال:

طلبتك يا أمير المؤمنين معن بن زائدة، فقال: قد آمنك الله على نفسك ومالك وأهلك، مثلك يصطنع؛ وجاء أبو نصر مالك بن الهيثم فوقف على باب المنصور، وقال: أنا البواب كما ذكرنا ذلك، ونودى فى أهل السوق فقاتلوهم، وفتح باب المدينة فدخل الناس، فحمل عليهم خازم بن خزيمة حتى ألجأهم إلى حائط، ثم حملوا عليه فكشفوه مرتين، فقال الهيثم بن شعبة: إذا كرّوا علينا فاسبقهم إلى الحائط، فإذا رجعوا فقاتلهم، ففعل ذلك فقتلوا جميعا، وكان ذلك بالمدينة الهاشمية، وأصيب يومئذ عثمان بن نهيك بسهم، فمرض أياما ومات فصلى عليه المنصور، وجعل على الحرس أبا العباس الطّوسى ثم ولّى المنصور معن بن زائدة اليمن.

[ذكر خلع عبد الجبار بخراسان ومسير المهدى إليه]

وفى هذه السنة خلع عبد الجبار ابن عبد الرحمن- عامل خراسان- المنصور، وكان سبب ذلك أنه لمّا استعماء المنصور على خراسان عمد إلى