للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا أسرع إدراكا، ولا أوجد فى كل إبان «١» من كتاب؛ ولا أعلم نتاجا فى حداثة سنة وقرب ميلاده، وحضور ذهنه، وإمكان موجوده، يجمع من التدابير العجيبة، والعلوم الغريبة، ومن آثار العقول الصحيحة، ومحمود الأذهان اللطيفة، ومن الأخبار عن القرون الماضية، والبلاد المتراخية، والأمثال السائرة، والأمم البائدة ما يجمع الكتاب؛ وقد قال الله تبارك اسمه لنبيه صلّى الله عليه وسلم: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ

فوصف نفسه تعالى جدّه بأن علّم بالقلم، كما وصف به نفسه بالكرم، واعتد بذلك من نعمه العظام، وفى أياديه الجسام.

[ذكر شىء مما قيل فى آلات الكتابة]

قال ابراهيم بن محمد الشّيبانىّ فيما يحتاج إليه الكاتب:

من ذلك أن يصلح الكاتب آلته التى لا بدّ منها، وأداته التى لا تتمّ صناعته إلا بها، وهى دواته، فلينعم «٢» ربّها وإصلاحها، ثم يتخير من أنابيب «٣» القصب أقلّه عقدا وأكثفه لحما، وأصلبه قشرا، وأعدله استواءا، ويجعل لقرطاسه سكّينا حادّا لتكون عونا له على برى أقلامه، ويبريها من جهة نبات القصبة، فان محلّ القلم من الكاتب كمحلّ الرمح من الفارس. وقد خصّ الفضلاء القلم بأوصاف كثيرة، ومزايا خطيرة فلنذكر منها طرفا.