وفى العشر الأوسط من شهر ربيع الآخر جهّز السلطان الأمير سيف الدين قجليس السلاح دار على خيل البريد، فوصل إلى دمشق فى يوم الخميس رابع عشر الشهر، وتوجّه إلى طرابلس، وكان الأمير سيف الدين تمر النائب بها قد خرج إلى الصيد، فوصل إليه وهو بمخيمه وكان قد أرسل إلى الأمير شهاب الدين قرطاى النائب بحمص أن يوافيه بعسكر حمص فى وقت السّحر إلى منزلة تمر الساقى. فلما وصل الأمير سيف الدين قجليس إليه أظهر أنه حضر لكشف القلاع، وشكا من التعب [٨٩] فأنزله فى خيمة وأرسل إليه بعض مماليكه ليخدموه، وأمرهم أن يحفظوا ما يقول، وكان قد خشى من حضوره، وأدرك قجليس ذلك، فشرع يسأل المماليك عن القلاع والحصون ونوابها، وما يحصل له من جهتهم، لا يزيدهم على هذا فتوجهوا إلى مخدومهم وأعلموه بمقاله، فما شكّ فى ذلك، وطابت نفسه، واطمأن ونام. بخيمته، فما طلع الفجر إلا والأمير شهاب الدين قرطاى النائب بحمص والعسكر قد وافاه بالمنزلة، وأحاطوا بخيمته فقبضوا عليه، ورجع به الأمير سيف الدين قجليس إلى الأبواب السلطانية، فوصل إلى دمشق عائدا فى بكرة الإثنين ثامن عشر الشهر، وقبض على الأمير سيف الدين بهادر آص فى هذا اليوم، واعتقل بالكرك، وتمر الساقى بقلعة الجبل، وفوّض السلطان نيابة السلطنة بالمملكة الطرابلسية إلى الأمير سيف الدين كستاى أمير سلاح، فاستعفى من النيابة، فلم يعف، فتوجه على كره منه، ووصل إلى دمشق فى ثانى عشر جمادى الأولى يطلبه، وتوجّه إلى طرابلس.
[وفى مستهل شهر ربيع الآخر رسم السلطان بالإفراج]
عن الأمير سيف الدين قجماز بتخاص، وفخر الدين داود، وحسام الدين جيا أخوىّ سلّار وأنعم على الأمير سيف الدين قجماز. بتخاص ذلك بإمرة طبلخاناه.
وفى يوم الأربعاء تاسع عشر جمادى الأولى وصلت رسل صاحب اليمن الملك المؤيد هزبر الدين داود بالتقادم والتحف والهدايا والخيول وغير ذلك، فقبلت هديته، وأنعم على رسله وعليه، وكتب جوابه وجهز رسوله بما جرت العادة به من الإنعام والهديا، والله أعلم.