من لحق حتى جاوز قلعة رباح، ثم جمع أبو الأسود الرجال وعاد إلى قتال عبد الرحمن سنة تسع وستين ومائة فهلك بقرية من أعمال طليطلة. وقام بعده أخوه قاسم وجمع جمعا فغزاه عبد الرحمن فجاء إليه بغير أمان فقتله وفى سنة سبعين ومائة أمر عبد الرحمن ببناء جامع قرطبة- وكان موضعه كنيسة- وأخرج عليه مائة ألف دينار، ولم يتم بناؤه فى حياته فأتمه ابنه بعده
[ذكر وفاة عبد الرحمن وصفته وشىء من أخباره وسيرته]
/ كانت وفاته بقرطبة فى يوم الثلاثاء لستّ بقين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين ومائة، وقيل توفى فى غرة جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين ومائة، وهو الصحيح وصلّى عليه ابنه عبد الله، وكان قد عهد إلى ابنه هشام بمدينة ماردة واليا عليها، وابنه سليمان بطليطلة واليا عليها، فلم يحضرا موت أبيهما.
وكان مولد عبد الرحمن بدير حنا من عمل دمشق، وقيل بالعلياء من ناحية تدمر فى سنة ثلاث عشرة ومائة فكان عمره تسعا وخمسين سنة، ومدة ولايته بالأندلس ثلاثا وثلاثين سنة وأربعة أشهر وأربعة عشر يوما. وكان أصهب «١» خفيف العارضين طويل القامة نحيف الجسم أعور، وكان فصيحا لسنا شاعرا حليما عالما حازما، سريع النهضة فى طلب الخارجين عليه، لا يخلد إلى راحة،