وكان سبب هربه أن أبا مسلم لما دخل مرو أرسل لاهز بن قريظ فى جماعة إلى نصر، يدعوه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم والرضا من آل محمد، فلما نظر ما جاءه من اليمانية والربيعية والعجم وأنه لا قبل له بهم أظهر قبول ما أتاه به، وأنه يأتيه ويبايعه واستمهلهم، وأمر أصحابه بالتهيؤ والخروج إلى مكان يأمنون فيه، فأشار عليه سلّم بن أحوز بالبيات ليلته تلك والخروج من القابلة؛ فلما أصبح عبأ أصحابه وكتائبه إلى بعد الظهر، فأعاد أبو مسلم إليه لاهز بن قريظ فى جماعة، فقال: ما أسرع ما عدتم، فقال له لاهز: لا بدّ لك من ذلك، فاستمهله نصر بقدر ما يتوضأ ويصلى، ويرسل إلى أبى مسلم يستأذنه فى المضى إليه، فأجابه لاهز؛ فلما قدم نصر للوضوء تلا لاهز: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ
«١» ، فدخل نصر منزله وأعلمهم أنه ينتظر عود رسوله من عند أبى مسلم، وأقام حتى جنّه الليل «٢» فخرج من خلف حجرته، ومعه تميم ابنه، والحكم بن نميلة النّميرى، وامرأته المرزبانة «٣» وانطلقوا هربا، فلما استبطأه لاهز وأصحابه دخلوا منزله فوجدوه قد هرب، فلما بلغ أبا مسلم هربه سار إلى عسكر نصر، وأخذ ثقات أصحابه وصناديدهم فكتفهم، وفيهم سلّم بن أحوز صاحب شرطة نصر، والبخترى كاتبه، وابنان له، ويونس بن عبد ربه «٤» ، ومحمد بن قطن، ومجاهد بن يحيى بن