فلمّا أصيب أهل الهباءة واستعظمت غطفان قتل حذيفة، تجمّعوا، وعرفت بنو عبس أن ليس لهم مقام بأرض غطفان، فخرجوا الى اليمامة فنزلوا بأخوالهم من بنى حنيفة، ثم رحلوا عنهم فنزلوا ببنى سعد بن زيد مناة.
[يوم الفروق لبنى عبس]
ثم إنّ بنى عبس غدروا بجوارهم فأتوا معاوية بن الجون فاستجاسوا عليهم وأرادوا أكلهم، فبلغ ذلك بنى عبس ففرّوا ليلا، وقدّموا ظعنهم، ووقفت فرسانهم بموضع يقال له الفروق، وأغارت بنو سعد ومن معهم من جنود الملك على محلّتهم فلم يجدوا إلّا مواقد النيران فاتبعوهم حتى أتوا الفروق، فإذا بالخيل والفرسان وقد تواترت الظّعن عنهم، فانصرفوا عنهم؛ ومضى بنو عبس فنزلوا ببنى ضبّة فأقاموا فيهم. وكان بنو حذيفة من بنى عبس يسمّون بنى رواحة، وبنو بدر من فزارة يسمّون بنى سودة، ثم رجعوا إلى قومهم وصالحوهم، فكان أوّل من سعى فى الحمالة حرملة بن الأشعر بن صرمة بن مرّة، فمات، فسعى فيها ابنه هاشم بن حرملة، وإليه أشار الشاعر:
أحيا أباه هاشم بن حرمله ... يوم الهباءتين ويوم اليعمله
ترى الملوك حوله مرعبله ... يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له!