للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشّعبىّ: قال لى ابن عبّاس قال لى أبى: إنى أرى هذا الرجل- يعنى عمر بن الخطاب- يستفهمك ويقدّمك على الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنى موصيك بخلال أربع: لا تفشينّ له سرّا، ولا يجرّبنّ عليك كذبا، ولا تطو عنه نصيحة، ولا تغتابنّ عنده أحدا؛ قال الشّعبىّ فقلت لابن عباس:

كلّ واحدة خير من ألف؛ قال: إى والله ومن عشرة آلاف!.

[الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الثانى فى وصايا الملوك]

كتب أرسطا طاليس إلى الإسكندر: أن املك الرعيّة بالإحسان إليها تظفر بالمحبّة منها، فإنّ طلبك الناس بإحسانك هو أدوم بقاء منه باعتسافك؛ [واعلم أنك إنما تملك الأبدان فاجمع لها القلوب [١]] ؛ واعلم أن الرعيّة إذا قدرت أن تقول قدرت أن تفعل. وهذا مخالف لما حكى عن معاوية أن رجلا أغلظ عليه فحلم عنه؛ قيل له: أتحلم عن مثل هذا؟ فقال: إنا لا نحول بين الناس وبين ألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين سلطاننا. وكتب إلى الإسكندر: اعلم أنك غير مستصلح رعيّتك وأنت مفسد، ولا مرشدهم وأنت غاو، ولا هاديهم وأنت ضالّ؛ وكيف يقدر الأعمى على الهدى، والفقير على الغنى، والذليل على العزّ!.

وقال أنو شروان: ثمانية أشياء هى أساس الملك، يأتى بأربعة، ويحذر أربعة؛ فالذى يأتى به: النصح فى الدين، وكفاء [٢] الأمين، وتقديم الحزم، وإمضاء العزم.

والذى يحذره: غشّ الوزير، وسوء التدبير، وخبث النيّة، وظلم الرّعية.

وقال أردشير لأصحابه: إنى إنما أملك الأجساد لا النيّات، وأحكم بالعدل لا بالرضا، وأفحص عن الأعمال لا عن السرائر.


[١] زيادة عن العقد الفريد.
[٢] مصدر كافأه: جازاه.