الخوارج حملة رجل واحد وهو ثابت، وضرب على رأسه عدّة ضربات فلم تؤثر فيه، فلما رأى أصحابه ثباته رجعوا إليه وقاتلوا وصبروا، فانهزم هارون ومن معه وقتل خلق كثير، وكانت هذه الوقعة في سنة اثنتين وثمانين «١» ومائتين، فتحيّر هارون في أمره فقصد البريّة، ونزل عند بنى تغلب ثم عاد إلى معلثايا، ورجع إلى البريّة ثم رجع إلى دجلة، وتكرّر ما بين ذلك، فلما رأى أصحابه قوّة دولة الخليفة المعتضد بالله راسلوا الخليفة في طلب الأمان، فأمّنهم فأتاه ثلاثمائة وستون رجلا، وبقى مع هارون بعضهم، وهو يجول في البلاد إلى أن قتل.
[ذكر مقتل هارون]
وفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين سار المعتضد بالله إلى الموصل، ووصل إلى تكريت وأقام بها، وأحضر الحسين بن حمدان وبعثه في طلب هارون في جماعة من الفرسان والرجّالة، فانتخب الحسين ثلاثمائة رجل فسار بهم، ومعه وصيف فقال له الحسين: مره يا أمير المؤمنين بطاعتى، فأمره بذلك، فسار بهم الحسين حتى انتهى إلى مخاضة في دجلة، فقال الحسين لوصيف ولمن معه ليقفوا هناك، وقال: ليس لهارون طريق- إن هرب- غيرها، فلا تبرحوا من هذا الموضع حتى يمرّ بكم فتمنعوه من العبور وأكون أنا من خلفه، ومضى الحسين في طلب هارون فلقيه، واقتتلوا وقتل من الفريقين عدّة قتلى، ثم انهزم