الباب السادس من القسم الأوّل من الفنّ الخامس فى قصة صالح- عليه السلام- مع ثمود وعقرهم الناقة وهلاكهم
قال الكسائىّ: قال كعب: لما أهلك الله- عزّ وجلّ- عادا، جاءت ثمود وعمرت الأرض، وكانوا بضع عشرة قبيلة، فى كلّ قبيلة زيادة عن سبعين ألفا سوى النساء والذرّيّة، وكثروا حتى صاروا فى عدد عاد وأكثر، وكانوا ذوى بطش وقوّة وتجبّر وكفر وفساد، وكانت منازلهم ما بين الحجاز إلى الشأم، وهى ديار الحجر من وادى القرى، وكان ملكهم جندع بن عمرو بن عاد بن ثمود بن إرم بن سام ابن نوح.
وقيل فى نسبه: إنّه جندع بن عمرّد بن عمرو بن الدّميل بن عاد بن ثمود ابن عائذ بن إرم بن سام، وكانت طائفة ممّن آمنت بهود يذكرون له كيف أهلك الله قوم عاد بالريح العقيم، وكيف كانت سيرة هود فيهم؟ فيقول: إنّما هلكت عاد لأنها لم تكن تشيّد بنيانها: ولا تنصح آلهتها، وكان بنيانهم على الأحقاف التى هى الرمال، ونحن أشدّ قوّة وبناء وبلادا، ونحن نتخذ الجبال بيوتا فننحتها فى الصخر لئلّا يكون للرّيح عليها سبيل، ونحن نعبد آلهتنا حقّ العبادة.
قال كعب: كانت قوّة الرجل منهم أن ينحت فى الجبل بيتا طوله مائة ذراع فى عرض مثل ذلك، ويضربه بصفائح الحديد، ويغلّق بابا من حديد مصمّت لا يفتحه إلّا القوىّ منهم، وكانت منازلهم أوّلا بأرض كوش فى بلاد عالج «١» ، فانتقلوا إلى هذه البلاد لكثرة جبالها.