يحتمون «١» به من أرض الجزيرة، فلما بلغهم قصده جمعوا أموالهم، وأغار المعتضد على أعراب عند السنّ، فنهب أموالهم وقتل منهم مقتله عظيمة، وغرق منهم فى الزاب مثل ذلك، وعجز الناس عن حمل ما غنموه، فبيعت الشاة بدرهم والجمل بخمسة دراهم، وسار إلى الموصل وبلد فلقه بنو شيبان «٢» يسألون العفو، وبذلوا له رهائن فأجابهم إلى ما طلبوا، وعاد إلى بغداد، وأرسل إلى أحمد بن عيسى بن الشيخ يطالبه بما أخذ من أموال ابن كنداجق، فبعثها إليه ومعها هدايا كثيرة.
وفيها غارت المياه بالرى وطبرستان حتى بلغ الماء ثلاثة أرطال بدرهم، وفى شوال منها انخسف القمر وأصبح أهل دبيل وقد أظلمت الدنيا عليهم، ودامت الدنيا مظلمة عليهم، فلما كان عند العصر هبّت ريح سوداء ودامت إلى ثلث الليل، ثم زلزلوا فى الثلث فخربت المدينة، ولم يبق من دورها إلا قدر مائة دار، وزلزلوا بعد ذلك خمس مرّات، وكان جملة من أخرج من تحت الردم مائة ألف وخمسين ألف كلهم موتى.
وحج بالناس أبو بكر محمد بن هارون «٣»
[ودخلت سنة إحدى وثمانين ومائتين]
[ذكر مسير المعتضد إلى ماردين وملكها]
فى هذه السنة توجّه المعتضد بالله- وهى الخرجة الثانية إلى الموصل- قاصدا حمدان بن حمدون، لأنّه بلغه أنّه مايل هارون الخارجى ودعا له،