للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ولم يزل هود فيهم يحذرهم وينذرهم العذاب سبعين عاما؛ فلما رأى أنهم لا يؤمنون دعا الله تعالى أن يبتليهم بالقحط، فإن آمنوا وإلّا يهلكهم بعذاب لم يهلك به أحدا قبلهم ولا بعدهم؛ فاستجاب الله تعالى دعوته، وأمره باعتزالهم بمن معه من المؤمنين، فآعتزلهم فأمسك الله عنهم المطر، وأجدبت الأرض ولم تنبت ومات عامّة المواشى؛ فصبروا على ذلك أربع سنين حتى يئسوا من أنفسهم، وهمّوا أن يؤمنوا؛ فنهاهم الملك عن ذلك وصبّرهم؛ فأجمعوا رأيهم أن يبعثوا رجالا منهم إلى الحرم يستسقون لهم؛ والله الفعّال.

[ذكر خبر وفد عاد إلى الحرم يستسقون لهم]

قال وهب: فجمعوا الهدايا، واختاروا سبعين رجلا من أشرافهم، وجعلوا لكلّ عشرة منهم رئيسا، من جملتهم مرثد المؤمن؛ فسار وهو يدعو عليهم؛ فلما أشرفوا على الحرم إذا بهاتف يقول:

قبّح الله قوم عاد وذلّوا ... إنّ عادا أشرّ أهل الجحيم

سيّروا الوفد كى يسقوا غياثا ... فسيسقون من شراب الحميم

فدخلوا الحرم والملك يومئذ معاوية بن بكر، وكانوا أخواله، فسألهم عما جاء بهم فأخبروه بخبر هود وبما حلّ بعاد، وأنّهم قد لجأوا إلى الحرم للاستسقاء؛ فأنزلهم معاوية فى منزل الضيافة، وأطعمهم وسقاهم شهرا؛ فشغلهم اللهو عن الاستسقاء؛ فبلغ الملك (الخلجان) ذلك، فبعث إلى معاوية يسأله أن يأمرهم بالاستسقاء، فكره مواجهتهم بذلك فيقولون: «قد تبرّم بضيافتنا» فدعا بالجرادتين- وهما قينتان لمعاوية- فقال لهما: إذا شرب القوم ودبّ فيهم الشراب فغنيّاهم بهذه الأبيات، وهى:

بأبى من خلق الخل ... ق بنى سام وحام

سادة سادوا جميع ال ... خلق فى الخلق التّمام