قال أبو عبيدة: تجمّعت قبائل مذحج وأكثرها بنو الحارث بن كعب، وقبائل من مراد وجعفىّ وزبيد وخثعم، وعليهم أنس بن مدرك، وعلى بنى الحارث الحصين، فأغاروا على بنى عامر بن صعصعة بفيف الرّيح، وعلى بنى عامر، عامر بن مالك ملاعب الأسنّة.
قال: فاقتتل القوم، فكسروهم، وارفضت قبائل من بنى عامر، وصبرت بنو نمير، وأقبل عامر بن الطّفيل وخلفه دعىّ بنى جعفر فقال: يا معشر الفتيان، من ضرب ضربة أو طعن طعنة فليشهدنى [فكان «٢» ] الفارس إذا ضرب ضربة أو طعن طعنة، قال عند [ذلك] : أبا على، فبينما هو كذلك إذ أتاه مسهر بن يزيد «٣» الحارثىّ، فقال له من ورائه: عندك يا عامر والريح عند أذنه فوهصه- أى طعنه-، قأصاب عينه، فوثب عامر عن فرسه ونجا على راحلته، وأخذ مسهر رمح عامر، ففى ذلك يقول عامر بن الطفيل من أبيات:
لعمرى وما عمرى علىّ بهيّن ... لقد شان حرّ الوجه طعنة مسهر
وقال مسهر- وقد زعم أنهم أخذوا امرأة عامر-:
وهصت بخرص «٤» الرمح مقلة عامر ... فأضحى نحيفا فى الفوارس أعورا
وغادر فينا رمحه وسلاحه ... وأدبر يدعو فى الهوالك جعفرا
وكنّا إذا قيسيّة ذهبت بنا ... جرى دمعها من عينها فتحدّرا
مخافة ما لاقت حليلة عامر ... من الشرّ إذ سربالها قد تعفّرا