ذكر جلوس السلطان بدار العدل وما رتبه عند غلو الأسعار «١»
قال: وفى شهر ربيع الآخر من السنة غلت الأسعار [بمصر] وبلغ ثمن الأردب إلى قريب المائة درهم نقرة. فرسم السلطان بالتسعير طلبا للرفق.
فاشتد الحال وعدم الخبز. فأمر السلطان أن ينادى باجتماع الفقراء تحت القلعة، ونزل إلى دار العدل فى يوم الخميس سابع الشهر، فأول ما تكلم فيه إبطال التسعير.
ورسم أن يباع من الأهراء فى كل يوم خمسمائة أردب بما يقدره الله من ويبتين فما دونها تباع على الضعفاء والأرامل. ونزل الحجاب تحت القلعة وكتبت أسماء للفقراء، وسير إلى كل جهة حاجبا لكتابة الأسماء فى القاهرة ومصر وحواضرها، ولما تكامل حصر العالم أخذ السلطان ألوفا، وأعطى لنواب ولده الملك السعيد كذلك، وأعطى لكل أمير جماعة على قدر عدته، وفرق على الأجناد ومفاردة الحلقة والمقدمين والبحرية، وعزل التركمان والأكراد البلدين، ورسم أن يعطى لكل فقير مئونته مدة ثلاثة شهور، ويسلم نواب الأمراء والأكابر والتجار الفقراء.
ثم قال السلطان:«هؤلاء الفقراء جمعناهم فى هذا اليوم وقد انقضى نصف النهار فليعط كل منهم نصف درهم يتقوت به خبزا، ومن غد يتقرر الحال» . فانفق فيهم جملة كثيرة بهذا القدر خاصة. وأخذ الصاحب جماعة العميان والأتابك [جماعة]«٢» التركمان، ولم يبق أحد من الخواص والحواشى وأرباب المناصب وغيرهم إلا أخذ جماعة. فانحطت الأسعار لذلك وكثر الخبز.