- فمن ذلك ما قاله الأمير شمس المعالى «١» من رسالة كتبها إلى بعض أصدقائه وقد أهدى له دلدلا: «قد أتحفتك يا سيّدى بعلق نفيس، وتحفة رئيس؛ يتعجّب المتأمّل من أحواله، ويحار الناعت فى أوصافه وأعماله؛ ويتبلّد المعتبر فى آياته، ويكلّ الناظر فى معجزاته؛ فما يدرى ببديهة النظر والفؤاد، أمن الحيوان هو أم من الجماد؛ حتى إذا أعطى متدبّره النّظر أوفى حقوقه، والفحص أكمل شروطه، علم أنه كمّى سلاحه فى حضنه، ورام سهامه فى ضمنه؛ ومقاتل رماحه على ظهره، ومخاتل سرّه خلاف جهره، ومحارب حصنه من نفسه؛ يلقاك بأخشن من حدّ السيف، ويستتر بألين من وبر الخيف «٢» . متى جمّع أطرافه، وضمّ إليه أصوافه؛ حسبته رابية ناتيه، أو تلعة باديه. وهو أمضى من الأجل، وأرمى من بنى ثعل «٣» . إن رأته الأراقم رأت حتف نفسها، أو عاينته الأساود أيقنت بفناء جنسها؛ صعلوك ليل لا يحجم عن دامسه، وفارس ظلام لا يخاف من حنادسه؛ فيه من الضّبّ مثل، ومن الفأر شكل؛ ومن الورل نسب، ومن الدّلدل سبب.
ومن أوابده أنه يسودّ إذا هرم وشاب، ويصير كأكبر ما يكون من الكلاب.