قال: ولما عاد صاحب سمرقند إليها ومعه الشحنة، أقام معه سنة، فرأى صاحب سمرقند من سوء سيرة الخوارزميين ماندم بسببه على مفارقة الخطا، فأرسل إلى ملك الخطا يدعوه إلى سمرقند ليسلمها إليه، ويعود إلى طاعته، وأمر بقتل كل من بسمرقند من الخوارزمية، ممن كان بها قديما وحديثا، وأخذ أصحاب خوارزم شاه، فكان يجعل الرجل منهم قطعتين ويعلقهم فى الأسواق كما يعلق القصاب اللحم. ومضى إلى القلعة ليقتل زوجته- ابنه خوارزم شاه- فأغلقت الأبواب، ووقفت بجواريها، ومانعت عن نفسها، وأرسلت إليه تقول:«أنا امرأة وقتل مثلى قبيح عليك، وما فعلت معك من الإساءة ما استوجب ذلك منك، ولعل تركى أحمد عاقبة، فاتق الله.» فتركها ووكل بها من يمنعها من التصرف فى نفسها.
ووصل الخبر إلى خوارزم شاه، فعظم عليه، وأمر بقتل كل من بخوارزم من الغرباء، فمنعته أمه من ذلك، وقالت:«هذا بلد قد أتاه الناس من أقطار الأرض ولم يرض كلهم بما كان من هذا الرجل.» فأمر بقتل أهل سمرقند فمنعته من ذلك أيضا، فتركهم.
وأمر عساكره بالتجهز إلى ما وراء النهر، وسيرهم أرسالا، فعبروا جيحون، وعبر هو فى آخرهم، وسار حتى نزل على سمرقند. وأنفذ إلى صاحبها يقول: قد فعلت ما لم يفعله مسلم، واستحللت من دماء المسلمين ما لم يقدم عليه غيرك من مسلم ولا كافر، والآن عفا الله