بلغ بهمّته غاية المرام، وضاهى ببندقه السّهام؛ وكان يوم كذا وكذا خرج إلى برزته المباركة وصرع طيرين فى وجه واحد، وأبان عن حسن الرمى وسداد الساعد؛ وأضحى بينهما كثيرا بين قومه، وجعلهما لهم وليمة فى يومه؛ وهما «تمّ» كأنما صيغ «١» من فضّه، أو تدرّع من النهار حلّة مبيضّه؛ أو غاير بياضه الليل فلطم وجهه بيد ظلمائه، فاقتصّ منه وخاض فى أحشائه؛ لجناحه هفيف فى المطار، تسمع منه نغمة الأوتار. و «لغلغة» كأنها كوّنت من شقيق وغمام، أو مزج لونها بماء ومدام؛ لها غرّة لو بدت فى الليل خلتها بدرا، وإن أسفرت عند الصباح حسبتها فجرا؛ وحملها فلان وفلان، وقطع شبقه «٢» فلان وادّعى لفلان؛ وعاد الرامى قرير العين، مملوء اليدين؛ إذا فخر غيره بواحدة فخر بآثنتين؛ معظّما بين أترابه، مكرّما لدى أحبابه؛ ألبسه الله من السرور أزهى أثوابه. بمنّه وكرمه.
[ومما ورد فى وصف الجلاهق نظما]
- قال أبو الفرج الببغّاء يصفها:
ومرنان «٣» معبّسة ضحوك ... مهذّبة الطبائع والكيان
مغالبة وليس بها حراك ... وباطشة وليس لها يدان
لها فى الجارح النّسب المعلّى ... وإن هى خالفته فى المعانى
تطير مع البزاة بلا جناح ... فتسبقها إلى قصب الرّهان
وتدرك ما تشاء بغير رجل ... ولا باع يطول ولا بنان
وتلحظ ما يكلّ الطرف عنه ... بلا نظر يصحّ ولا عيان
لها عضوان من عصب ولحم «٤» ... وسائر جسمها من خيزران