قال: كاد تقرّب الفعل من الوقوع، فنفيها ينفى القرب، فإن لم يكن فى الكلام دليل على الوقوع فيفيد نفى الوقوع ونفى القرب منه، كقوله تعالى: لَمْ يَكَدْ يَراها
[أى لم «١» يراها] ولم يقارب وأيتها، وكقول ذى الرمد:
إذا عير النأى المحبين لم يكد «٢» ... رسيس الهوى من حب مية يبرح
المعنى أن براح حبّها «٣» لم يقارب الكون فلا عن أن يكون.
[وأما النظم]
- فهو عبارة عن توخى معانى النحو فيما بين الكلم، وذلك أن تضع كلامك الوضع الذى يقتضيه علم النحو بأن تنظر فى كل باب إلى قوانينه والفروق التى بين معانى اختلاف صيغه «٤» ، وتضع الحروف مواضعها وتراعى شرائط التقديم والتأخير، ومواضع الفصل والوصل، ومواضع حروف العطف على اختلاف معانيها، وتعتبر الإصابة فى طريق التشبيه والتمثيل.
وقد أطبق العلماء على تعظيم شأن النظم، وأن لا فضل مع عدمه ولو بلغ الكلام فى غرابة معناه إلى ما بلغ، وأنّ سبب فساده [ترك «٥» ] العمل بقوانين النحو واستعمال الشىء فى غير موضعه.
ثم قال: الجمل الكثيرة إذا نظمت نظما واحدا فهى على قسمين:
الأوّل: أن لا يتعلّق البعض بالبعض ولا يحتاج واضعه إلى فكر ورويّد فى استخراجه، بل هو كمن عمد إلى اللآلئ ينظمها فى سلك، ومثاله قول الجاحظ