للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب السابع من القسم الأوّل من الفنّ الخامس فى أخبار أصحاب البئر المعطّلة والقصر المشيد وما كان من أمرهم وهلاكهم

قال الكسائىّ: قال كعب: لمّا قبض الله تعالى نبيّه صالحا عليه السلام بأرض فلسطين، خرج أصحابه إلى بلاد اليمن فتفرّقوا فرقتين: فنزلت إحداهما بأرض عدن، وهم أصحاب البئر المعطّلة، والثانية صارت إلى (حضرموت) (والقصر المشيد) وهو قبل البئر؛ والذى بناه رجل يقال له: جند بن عاد، وذلك لأنه رأى ما نزل بقوم هود من الريح، فعزم على بناء قصر مشيد، فبالغ فى تشييده، وانتقل إليه، وكان له قوّة عظيمة، فكان يقتلع الشجرة، ويمرّ بيده فى الجبل فيخرقه وكان مولعا بالنساء، فتزوّج زيادة عن سبعمائة امرأة، ورزق من كلّ أمرأة ذكرا وأنثى؛ فلمّا كثر ولده وقومه طغى فى الأرض وتجبّر، وكان يقعد فى أعلى قصره مع نسائه فلا يمرّ به أحد إلّا أمر بقتله؛ فلمّا كثر فساده أهلكه الله بصيحة جبريل جاءته من قبل السماء فأهلكته هو وأولاده وقومه.

قال الكسائىّ: ولا يجسر أحد أن يدخل إلى القصر ممّا نزل بسكّانه.

قال: ويقال: إنّ فيه حيّة عظيمة، وإنّه يسمع من داخله أنين كأنين المريض.

وأما البئر المعطّلة- فهى بأرض عدن، وكان أهلها على دين صالح، وكان المطر ينقطع عنهم فى بعض الأوقات حتّى يبلغ بهم الجهد، فيحملون الماء من بلد بعيد، فأعطاهم الله تعالى هذه البئر على ألّا يشركوا به شيئا، ويعبدوه حقّ عبادته وكانوا معجبين بها، قد بنوها بألوان الصخور، وبنوا حولها حياضا بعدد قبائلهم؛ وكان لهم ملك يسوسهم، فلما مات حزنوا عليه حزنا عظيما؛ فأقبل عليهم إبليس وقال: