للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما ورد كتاب الأمير أسد الدين رميثة إلى السلطان بما تقدم ندب السلطان إلى مكة- شرفها الله تعالى- الأميرين سيف [١] الدين أيتمش المحمدى، وسيف الدين بهادر السّعيدىّ [٢] أمير علم، وأمرهما أن يستصحب كلّ واحد منهما عشرة من عدته وجرّد معهما من كل أمير مائة جنديّين، ومن كل أمير طبلخاناه جنديا واحدا، وتوجّها إلى مكة لإحضار حميضة ومن حضر من التتار، فتوجها فى يوم السبت [١٠٣] سادس عشر ربيع الأول بمن معهما، ووصلا إلى مكة وأرسلا إلى حميضة فى معاودة الطاعة، وأن يتوجّه معهما إلى الأبواب السلطانية، فاعتذر أنه ليس معه من المال ما ينفقه على نفسه ومن معه فى سفره، وطلب منهما ما يستعين به على ذلك، فلما قبض المال تغيّب، وعادا إلى القاهرة فوصلا فى يوم الأحد السادس والعشرين من جمادى الآخرة من السنة.

وفى هذه السنة فوّض قضاء القضاة بدمشق على مذهب الإمام مالك بن أنس للقاضى فخر الدين أحمد ابن القاضى تاج الدين سلامة بن سلامة الإسكندرىّ المالكى، فى الثالثة والعشرين من شهر ربيع الآخر، عوضا عن قاضى القضاة جمال الدين الزواوى، وكان قد عجز عن القضاء، واشتدت به الرعشة، وثقل لسانه، فعزل بسبب ذلك، وتوجّه القاضى فخر الدين إلى دمشق، فوصل إليها فى السابع والعشرين من جمادى الأولى، ولم تطل مدّة القاضى جمال الدين بعد وصوله، فإنه مات فى تاسع جمادى الآخرة على ما نذكر إن شاء الله تعالى.

[ذكر توجه السلطان إلى الشام، ووصوله إلى الكرك، وإفراجه عمن يذكر من الأمراء، وعوده]

وفى يوم الخميس رابع جمادى الأولى من السنة توجّه السلطان إلى جهة الشام، وكان قد كتم مقصدة عن سائر الناس حتى عن خواصه، وأظهر أن مقصده بسبب الصيد واستكثر من الروايا فكان معه لخاصّه ما يزيد على ألف راوية، وحمل الأمراء كل أمير بحسب حاجته من ثمانين راوية إلى عشرين،


[١] فى ك «الأمير» والمثبت من ص، وف.
[٢] وفى إتحاف الورى بأخبار أم القرى ٣: ١٥٧ «السعدى» .