للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ومن أخبار البخلاء:]

قيل: بخلاء العرب أربعة، الحطيئة، وحميد الأرقط، وأبو الأسود الدّؤلىّ، وخالد بن صفوان، ونقلت عنهم أمور دلّت على بخلهم.

أما الحطيئة: فقد حكى عنه: أنه مرّ به ابن الحمامة، وهو جالس بفناء بيته، فقال له: السلام عليكم، فقال: قلت ما لا ينكر، فقال: إنى خرجت من أهلى بغير زاد، قال: ما ضمنت لأهلك قراك، قال: أفتأذن لى أن آتى بظلّ بيتك فأتفيّأ به؟

قال: دونك الجبل يفىء عليك، قال أنا ابن الحمامة، قال: انصرف وكن ابن أى طائر شئت. قال: واعترضه رجل وهو يرعى غنما، فقال له: يا راعى الغنم، وكان بيد الحطيئة عصا فرفعها، وقال: عجراء من سلم، فقال الرجل: إنما أنا ضيف، فقال: للأضياف أعددتها. وكان الحطيئة أحد الحمقى، أوصى عند موته، أن يحمل على حمار، وقال: لعلّى إن حملت عليه، لا أموت، فإنى ما رأيت كريما مات عليه قطّ.

وقال: لكلّ جديد لذّة، إلا جديد الموت* فإنى رأيته غير لذيذ. وقيل له:

أوص، فقال: أوصى أن مالى للذكور دون الإناث، قالوا: فإن الله ليس يقوله كذلك، قال: لكنى أقوله. وقالوا له: قل لا إله الا الله، فقال: أشهد أن الشمّاخ أشعر غطفان.

ومن أخباره: أن الزّبرقان بن بدر، لقيه في سفر، فقال له: من أنت؟

فقال: أنا حسب موضوع، أنا أبو مليكة، فقال له الزّبرقان: إنى أريد وجها، فصر إلى منزلى، وكن هناك، حتّى أرجع، فصار الحطيئة إلى امرأة الزّبرقان، فأنزلته وأكرمته، فجسده بنو عمّه، وهم بنو لأى، فقالوا للحطيئة: إن تحولت إلينا، أعطيناك مائة ناقة. ونشدّ الى كلّ طب من أطناب بيتك حلّة تحويه، وقالوا