وهو يعدو عدوا شديدا ويقرأ بصوت عال. فسئل عن ذلك فقال: أردت أن أسمع صوتى من بعيد. ودخل إلى رجل يعزّيه، فقال: عظّم الله مصيبتكم، وأعان أخاك على ما يرد عليه من يأجوج ومأجوج. فضحك الناس. فقال: تضحكون مما قلت! وإنما أردت هاروت وماروت.
وقيل: كتب المنصور إلى زياد بن عبد الله الحارثىّ، ليقسّم بين القواعد والعميان والأيتام مالا. فدخل عليه أبو زياد التميمىّ، وكان مغفّلا فقال: أصلحك الله! اكتبنى في القواعد، فقال له: عافاك الله، القواعد هنّ النساء اللّاتى قعدن عن أزواجهنّ. فقال: فاكتبنى في العميان. قال: اكتبوه منهم؛ فإن الله تعالى يقول:
(فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)
. قال أبو زياد:
واكتب ابنى في الأيتام؛ قال: نعم! من كنت أباه فهو يتيم.
وسئل بعضهم عن مولده، فقال: ولدت رأس الهلال للنصف من رمضان بعد العيد بثلاثة أيام، فاحسبوا الآن كيف شئتم.
ذكر شىء من نوادر النبيذيّين
قال رجل لبعض أصحاب النبيذ: وجّهت إليك رسولا عشيّة أمس فلم يجدك؛ فقال: ذاك وقت لا أجد فيه نفسى.
وقيل لبعضهم: كم الصلاة؟ فذكر الغداة والظهر. قالوا: فالعصر؟ قال:
تعرف وتنكر. قالوا: فالعشاء؟ قال: يبلغها الجواد. قالوا: فالعتمة؟ قال: ما كانت لنا في حساب قطّ.
شرب الأقيشر في حانوت خمّار حتى نفد ما معه، ثم شرب بثيابه وبقى عريانا، فجلس في تبن يستدفىء به. فمرّ رجل ينشد ضالّة؛ فقال الأقيشر: اللهم اردد عليه،