فوقع «١» الاشتراك بينهما فى وصف المرأة بالصّفرة، غير أنّ الأوّل شبّه الصفرة بيضة النعامة، والآخر وصفها بالفضّة المموّهة؛ ومن الاشتراك المعنوىّ ما ليس بحسن ولا معيب، كقول كثير:
وأنت التى حببت كلّ قصيرة ... إلىّ وما تدرى بذاك القصائر
عنيت قصيرات الحجال ولم أرد ... قصار الخطا، شرّ النساء البحاتر «٢»
فإن لفظة قصيرة مشتركة، فلو اقتصر على البيت الأوّل لكان الاشتراك معيبا لكنه لما أتى بالبيت الثانى زال العيب، ولم يبلغ رتبة الحسن لما فيه من التضمين.
وأما التهكّم-
فالفرق بينه وبين الهزل الذى يراد به الجدّ أن التهكّم ظاهره جدّ وباطنه هزل، والهزل الذى يراد به الجدّ على العكس منه، فمن التهكّم قول الوجيه الذروىّ فى ابن أبى حصينة من أبيات:
لا تظنّن حدبة الظّهر عيبا ... فهى فى الحسن من صفات الهلال
وكذاك القسىّ محدودبات ... وهى أنكى من الظّبا والعوالى
وإذا ما علا السّنام ففيه ... لقروم الجمال أىّ جمال
وأرى الانحناء فى مخلب البازى ... ولم يعد مخلب الرئبال
كوّن الله حدبة فيك إن شئت ... من الفضل أو من الإفضال
فأتت ربوة على طود علم ... وأتت موجة ببحر نوال
ما رأتها النساء إلا تمنّت ... أنها حلية لكلّ الرجال