للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنّه بنيان قوم تهدّما

فبكى ساعة، ثم التفت إلى عمرو بن مسعدة فقال: هيه يا عمرو! فقال: نعم يا أمير المؤمنين:

بكّوا حذيفة لم تبكّوا مثله ... حتى تعود قبائل لم تخلق

قال: فإذا عريب وجوار معها يسمعن ما يدور بيننا؛ فقالت: اجعلوا لنا معكم فى القول نصيبا. فقال المأمون: قولى، فربّ صواب منك كثير. فقالت:

كذا فليجلّ الخطب وليفدح الأمر ... فليس لعين لم يفض ماؤها عذر

كأنّ بنى العبّاس يوم وفاته ... نجوم سماء خرّ من بينها البدر «١»

فبكى وبكينا. ثم قال لها المأمون: نوحى، فناحت وردّ عليّها الجوارى. فبكى المأمون حتى قلت: قد فاضت نفسه وبكينا معه أحرّ بكاء، ثم أمسكت. فقال المأمون:

اصنعى فيه لحنا على مذهب النّوح وغنّى به؛ ففعلت وغنّته إياه على العود. فو الذى لا يحلف بأعظم منه لقد بكينا عليه غناء أكثر مما بكينا عليه نوحا.

[ومنهم عبد الله بن موسى الهادى.]

قال أبو الفرج: كان له في الغناء صنعة حسنة، وله أصوات مذكورة، منها قوله:

تقاضاك دهرك ما أسلفا ... وكدّر عيشك بعد الصّفا

فلا تجزعنّ فإن الزمان ... رهين بتشتيت ما ألّفا

ولما رآك قليل الهموم ... كثير الهوى ناعما مترفا

ألحّ عليك بروعاته ... وأقبل يرميك مستهدفا