ذكر الحرب بين أبى عبد الله الشّيعىّ وبين أبى حوال محمد بن أبى العباس
قال «١» : وخرج أبو حوال بالعسكر الّذى اختاره من مدينة تونس، فى سنة تسع وثمانين ومائتين، وكلّ من مرّ عليه من القبائل، بدأهم بالعطاء وخلع على وجوههم، وقصد إلى سطيف، فلم يصل إليها حتّى زاد فى عسكره مثله. وتلقّاهم بنو عسلوجة أصحاب سطيف «٢» ، وبنو تميم أصحاب بلزمه، ومن حولهم ممّن لم يدخل فى طاعة الشيعىّ، فقتل من وجوههم قتلا ذريعا، وانتهب أموالهم، وسبى نساءهم وذراريهم، وقصد الشيعى بتازرارت، واتصل به الخبر، فبرز إليه بمن معه، والتقوا ببلد بلزمة، واقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم الشّيعىّ وأصحابه، واتّبعهم أبو حوال إلى الليل، ثم أصبح فلقوه واقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم الشيعىّ ثانية إلى تازرارت وجاءهم ثلج عظيم، فحال بينهم.
ولم ير الشيعىّ أن تازرارت تحصّنهم، فأخذوا ما قدروا عليه، وانضموا إلى إيكجان. فلمّا ارتفع الثّلج تقدّم أبو حوال إلى تازرارت فأخربها وهدم قصر الشيعى وسار إلى ميلة، ثم التقى هو والشيعىّ واقتتلوا إلى الليل، فانهزم أبو حوال إلى تونس، ورجع الكتاميّون إلى ميلة، واعتلّ الحسن بن هارون فمات بإيكجان، وسكنها الشيعىّ وابتنى بها قصرا.