للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر حادثة الهواء بالبلاد الحلبية وما حصل بسببه]

وفى يوم الأربعاء ثالث عشر شهر ربيع الأول فى الساعة الثامنة من النهار ثار بمدينة حلب هواء عظيم مزعج أثار غبارا عظيما، واقترن ببرق مترادف ورعد قوى، وأظلم الجوّ حتى لا يبصر الإنسان رفيقه إلى جانبه، ولا يستطيع أن يفتح عينه، حتى تيقّن الناس الهلاك، ثم وقع مطر عظيم وبرد مع وجود الهواء، وامتدّ الهواء والمطر على إقليم جبل سمعان غربى مدينة حلب، فاقتلع أشجارا كثيرة [١] رومانيّة من البلّوط والزيتون والكروم، وكان يقتلع الشجرة العظيمة من الأرض بعروقها، وأهلك [١٠٢] من [٢] مرّ عليه من [٢] المسافرين، وما مرّ على بلد إلا خرّبه خرابا فاحشا، فأخرب عشر قرى [٣] وهى: تذبل، وكفر عمه [٤] وكفر جور، وبالا، وأم تحنين، والربيعية، ومعاد، وعين جارا، وبراطون [٤] والأبزمو وأهلك من بهذه القرى من الناس والدواب والوحش والطير، واجتمع من المطر سيل عظيم مرّ على وادى العسل وهو واد كبير فيه الدّرب السلطانى، يسلكه المارون من مدينة حلب إلى جميع إقليم جبل سمعان، وإلى أعمال حارم وغيرها، فامتلأ وغرّق ما مرّ عليه من الناس والدواب، وامتنع من سلوكه مدة، وخرج من الهواء المذكور عمود يرمى بشرر من نار، وجاء إلى كنيسة الربيعية، وهى كنيسة قديمة رومانية مبنية بحجارة هرقلية كل حجر منها لا يشيله عشرة من العتالين، محكمة البناء، ودخل العمود إلى هذه الكنيسة واقتلعها من أساسها وحملها فى الجو صعدا مقدار رمية نشاب وأكثر، وهى بحالها لم يتغير حجر عن حجر، وشاهدها على ذلك من سلم من الناس ممن كان خارجا عن هذا العمود من الهواء، وجعلوا يستغيثون ويجأرون إلى الله تعالى، ويسبحونه ويستغفرونه، ولما انتهت الكنيسة فى العلو إلى هذه الغاية انتقضت أحجارها وتساقطت إلى الأرض، فمن الحجارة ما غاص فى الأرض وغاب، ومنها ما غاص نصفه وأقل من ذلك وأكثر، وبقى مكان أساس الكنيسة شبه الخنادق.


[١] كذا فى ك. وفى ص، وف «كبيرة» .
[٢- ٢] ما بين الرقمين إضافة من ص، وف.
[٣] فى الأصول «قرايا» ويقال إن قرايا جمع لقرية النمل.
[٤- ٤] ما بين الرقمين إضافة من ص.