وفيها ملك قلعة بعرين «١» فى العشر الأول من شوال من صاحبها فخر الدين مسعود بن الزّعفرانى، وكان من أكابر الأمراء النّورية، فجاء إلى خدمة الملك النّاصر، وظن أنّه يكرّمه ويقرّبه، فلم ير من ذلك شيئا، ففارقه وعاد إلى قلعته. فلما استقرّ الصّلح بين الملكين النّاصر والصّالح نازل [الناصر]«٢» بعرين ونصب عليها المجانيق وملكها.
ذكر الحرب بين الملك النّاصر وسيف الدين غازى وانهزام غازى
قد قدّمنا انهزام عزّ الدين مسعود بالعسكر السّيفى من الملك النّاصر فى سنة سبعين وخمسمائة. فلمّا كان فى سنة إحدى وسبعين جمع سيف الدّين غازى جميع عساكره وفرّق فيهم الأموال، واستنجد بصاحب حصن كيفا «٣» وصاحب ماردين «٤» وغيرهما، وسار إلى حلب، واستصحب سعد الدّين كمشتكين مدبّر دولة الملك الصّالح والعسكر الحلبىّ.
وكان صلاح الدّين فى قلّة من العسكر لأنّه جهّز أكثر عساكره إلى الدّيار المصريّة فلمّا بلغه ذلك [١١٥] أرسل يستدعى عساكره، فلم تلحقه؛ وأعجلته الحركة، فسار من دمشق إلى حلب للقاء غازى ومن معه، فالتقى العسكران بتلّ السّلطان بالقرب من حلب، فى عاشر شوال من السّنة.