قال: وكان ذو الشّرى صنما لدوس، وكان الحنا حمى حموه له، وبه وشل من ماء يهبط من جبل، [قال] فقالت: بأبى أنت وأمّى، أتخشى على الصّبيّة «١» من ذى الشّرى شيئا؟ قلت: [لا، أنا ضامن لك «٢» ] ، قال: فذهبت فاغتسلت، ثم جاءت، فعرضت عليها الإسلام فأسلمت، ثم دعوت دوسا إلى الإسلام فأبطئوا علىّ، ثم جئت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمكة، فقلت له: يا نبىّ الله! إنّه قد غلبنى على دوس الزّنى «٣» ، فادع الله عليهم، فقال:«اللهمّ اهد دوسا، ارجع إلى قومك فادعهم وارفق بهم» ، قال: فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الإسلام، حتى هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة، ثم أسلموا بعد ذلك، ووفدوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على ما نذكر ذلك- إن شاء الله تعالى- فيمن وفد بعد الهجرة.
ذكر وفد نصارى الحبشة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإسلامهم
قال محمد بن إسحق: قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو بمكة عشرون رجلا أو قريب من ذلك من النّصارى حين بلغهم خبره من الحبشة، فوجدوه فى المسجد، فجلسوا إليه وكلّموه، وسألوه- ورجال من قريش فى أنديتهم حول الكعبة- فلما فرغوا من مسألته صلّى الله عليه وسلّم دعاهم إلى الله، وتلا عليهم القرآن، فلما سمعوه فاضت أعينهم من الدّمع، ثم استجابوا لله تعالى وآمنوا به