للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وامره الله ببناء بيت يحاذى البيت المعمور ليطوف به هو وأولاده من بعده كما رأى الملائكة تفعل حول البيت المعمور؛ فبناه.

وقد ذكرنا صفة بنائه فى الباب الثانى من القسم الخامس من الفن الأوّل من هذا الكتاب فى خصائص البلاد، وهو فى السفر الأوّل، فلا حاجة إلى إعادته هاهنا. فلنذكر غير ذلك.

قال: وسار آدم من موضعه إلى موضع البيت؛ والله الهادى.

ذكر أخذ الميثاق على ذرّية آدم- عليه السلام-

قال: وأوحى الله تعالى إلى آدم: أنّى أريد أن آخذ على وديعتى الّتى فى ظهرك الميثاق، فأحاطت الملائكة بآدم فى أحسن صورهم، فوقعت الرّعدة على آدم من الخوف، فضمّه جبريل إلى صدره، واضطرب الوادى وارتجّ، فقال جبريل:

اسكن فإنّك أوّل شاهد على الميثاق الذى يأخذه الله على ذريّة آدم. فسكن، ومسح الله تعالى على ظهر آدم كما شاء، وقال: «انظر يا آدم إلى من يخرج من ظهرك» فأوّل من بادر وكان أسرع خروجا نبيّنا محمد- صلّى الله عليه وسلّم- فأجاب بالتلبية ونادى إلى ذات اليمين وهو يقول: أنا أوّل من يشهد لك بالتوحيد، ويقرّ لك بالعبوديّة، وأشهد أنّى عبدك ورسولك. فهو- صلّى الله عليه وسلّم- أوّل الأنبياء فى الخلق، وآخرهم فى البعث، وفى ذلك من الحكمة الإلهيّة والقدرة الربّانيّة ما لم يخف على ذى لبّ وفهم، وليس هذا موضع ذكر ذلك. ثم أجابت الطبقة الثانية من النبيّين والمرسلين نبيّنا بعد نبىّ فى نورهم وبهائهم، ثم خرجت زمرة من المؤمنين بيض الوجوه، معلنين بالتوحيد، فوقفوا دون النبيّين.

ثم مسح الله مسحة أخرى فخرج (قابيل) بن آدم مبادرا وقد تبعه أهل الشّمال فوقفوا ذات الشّمال كلّهم سود الوجوه. ثم قيل لآدم: «انظر إلى ولدك هؤلاء