للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال العسكرىّ وجمع بين البراغيث والبعوض والذّباب:

وبدا فغنّانى البعوض تطرّبا ... فهرقت كأس النوم إذ غنّانى

ثم انبرى البرغوث ينقط أضلعى ... نقط المعلّم مشكل القرآن

حتى إذا كشف الصباح قناعه ... قرأت لى الذّبّان بالألحان

وأمّا البعوض وما قيل فيه

- والبعوض صنفان: صنف يشبه القراد، لكن أرجله خفيّة ورطوبته ظاهرة، يسمّى بالعراق والشأم «الجرجس» و «الفسافس» ، وبمصر «البقّ» . ويشمّ رائحة الإنسان ويتعلّق به. وله لسع شديد.

ولدمه إذا قتل رائحة كريهة. ويقال: إنّه يتولّد من النّفس الحارّ [ولشدّة رغبته فى الإنسان لا يتمالك إذا شمّ رائحته، فإذا كان فى السقف رمى بنفسه عليه فلا يخطئه «١» ] .

وهذا الصنف ليس من الطير. والصنف الثانى طائر ويسمّيه أهل العراق «البقّ» و «البعوض» . ويسمّيه أهل مصر «الناموس» . وهو يتولّد من الماء الراكد، فإذا صار الماء رقراقا استحال دعاميص «٢» ، ثم تستحيل الدعاميص فراشا. والبعوض فى خلقة الفيل إلّا أنّه أكثر منه أعضاء، فإنّ للفيل أربع أرجل وخرطوما وذنبا، وله مع هذه الأعضاء يدان زائدتان وأربعة أجنحة. وخرطوم البعوض [أجوف «٣» ] نافذ الخرق؛ فإذا طعن به جلد الإنسان استقى به الدّم وقذف به إلى جوفه. وفيه من الشّره أن يمتصّ من دم الإنسان إلى أن ينشقّ ويموت، أو يمتصّ إلى أن يعجز عن الطيران. ومن عجيب أمره أنه ربّما قتل البعير وغيره من ذوات الأربع، فيبقى