، فقد علمنا قطعا أن أهل الكتاب بدّلوا فى كتب الله تعالى المنزلة على أنبيائهم، وحرّفوا كلمها عن مواضعه، وحذّفوا منها أشياء فيها صريح ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغيا منهم وحسدا وجحودا ونكالا وافتراء على الله تعالى. هذا لا مرية عندنا فيه ولا خلاف، وقد اتّفقوا على أشياء فى كتبهم وترجموا عنها بالعربية، تدل على نبوّة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحن نذكرها إن شاء الله، وكتموا فيها ما أخبر به من أسلم من أحبار يهود وغيرهم، وعرض ذلك على من استمرّ على كفره، فلم يسعه إنكاره بل أقرّبه، على ما نذكر إن شاء الله تعالى فى مواضعه.
[فأما ما اتفقوا عليه مما جاء فى التوراة وترجموه بالعربية ورضوا ترجمته]
فمن ذلك قوله:«جاء الله من طور سيناء، وأشرق لنا من ساعير، واستعلن من جبال فاران» . وفى ترجمة «١» أخرى كذلك: «تجلى الله من طور سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران» . قال العلماء: وفى هذا تصريح بنبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، لأن الطّور «٢» هو الجبل الذى اصطفى الله تعالى موسى عليه بتكليمه، وساعير: جبل بالشام منه ظهرت نبوّة عيسى بن مريم، وبالقرب منه قرية الناصرة التى ولد فيها، وفاران: هى مكة شرفها الله تعالى.