هو أبو العباس عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع، والربيع، على ما يدّعيه أهله، ابن يونس بن أبى فروة. وآل أبى فروة يدفعون ذلك ويزعمون أنه لقيط وجد منبوذا كفله يونس، فلما خدم المنصور ادّعى إليه. قال أبو الفرج الأصفهانى:
وكان شاعرا مطبوعا ومغنّيا محسنا جيّد الصنعة نادرها. قال: وهو أوّل من غنّى بالكنكلة فى الإسلام.
وكان سبب دخوله فى الغناء على ما رواه أبو الفرج بسنده إليه قال: كان سبب دخولى فى الغناء وتعلّمى إياه أنّى كنت أهوى جارية لعمّتى رقيّة بنت الفضل ابن الربيع، وكنت لا أقدر على ملازمتها والجلوس معها خوفا من أن يظهر ما لها عندى، فيكون ذلك سبب منعى منها؛ فأظهرت لعمّتى أنى أشتهى أن أتعلّم الغناء ويكون ذلك فى ستر عن جدّى- وكان جدّى وعمّتى على حال من الرقّة علىّ والمحبّة لى لا نهاية وراءها، لأن أبى توفّى فى حياة جدّى الفضل- فقالت:
يا بنىّ، وما دعاك إلى ذلك؟ فقلت: شهوة غلبت على قلبى، إن منعت منها متّ غمّا- قال: وكان لى فى الغناء طبع قوىّ- فقالت لى: أنت أعلم وما تختاره، والله ما أحبّ منعك من شىء، وإنى كارهة أن تحذق فى ذلك وتشتهر فتسقط ويفتضح أبوك وجدّك. فقلت: لا تخافى من ذلك، فإنما آخذ منه مقدار ما ألهو به.
ولازمت الجارية لمحبتى إياها بعلّة الغناء، فكنت آخذ عنها وعن صواحباتها حتى تقدّمت الجماعة حذقا وأقرّت لى بذلك، وبلغت ما كنت أريد من الجارية، وصرت ألازم مجلس جدّى. ثم لم يكن يمرّ لإسحاق ولا لابن جامع ولا للزّبير بن دحمان ولا لغيرهم صوت إلا أخذته، وكنت سريع الأخذ، إنما كنت أسمعه مرّتين أو ثلاثا