فسيّر إليه شيركوه الفقيه عيسى الهكّارى يطالبه بالنّفقة ويقول له: إن العسكر قد طال مقامهم وطالبوا بالنّفقة وتغيّرت قلوبهم عليك، وإنّى أخشى عليك منهم. فلم يكترث شاور بذلك، وشرع فى المماطلة فيما كان قرّره لنور الدّين.
وعزم شاور على أن يصنع دعوة ويحضر أسد الدّين وجماعة الأمراء الذين معه إلى داره، ويقبض عليهم، ويستخدم من معه من الجند فيمتنع بهم من الفرنج. فنهاه عن ذلك ولده الكامل، وحلف أنّه إن صمّم على هذا الأمر عرّف به شيركوه. فقال له أبوه: والله لئن لم تفعل هذا قتلنا عن آخرنا. فقال الكامل لأبيه: صدقت، ولأن نقتل ونحن مسلمون خير من أن نقتل وقد ملكها الفرنج، فإنّه ليس بينك وبين [عود]«١» الفرنج إلا ان يسمعوا أنّ أسد الدّين قد قبض عليه، وحينئذ لو مشى العاضد إلى نور الدّين ما أغاثه، ويملكون البلاد. فترك ما عزم عليه «٢» .
واتّصل ذلك بالعاضد فأعلم شيركوه.
[[١٠٣] ذكر مقتل شاور]
كان مقتله فى يوم السّبت لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر من السنة.
وذلك أنّ الأمراء النّوريّة لمّا رأوا مماطلته بالنّفقة وبلغهم أنّه قد عمل على القبض عليهم اتّفق صلاح الدّين يوسف وعزّ الدين جرديك، وغيرهما، على قتله وأعلموا أسد الدّين بذلك؛ فنهاهم عنه. واتّفق أنّ شيركوه خرج لزيارة قبر الإمام الشّافعى هذا اليوم، وحضر شاور له على عادته، فقيل إنّه توجّه للزّيارة؛ فقال: نتوجّه إليه. فتوجّه ومعه يوسف