وكان سبب ذلك أن رسول الخليفة المعتضد بالله العباسى قدم عليه فى سنة تسع وثمانين «١» ومائتين من بغداد إلى تونس. فخرج إبراهيم إليه وضربت له فازة «٢» سوداء فى سبخة تونس. فخلا بالرسول وكان بينهما محاورة ولم يأته بكتاب. وكان المعتضد قد أرسله على غضب وسخط لشكوى أهل تونس منه، وصياحهم على المعتضد، ووصفهم له ما صنع بهم إبراهيم، وقالوا:«أهدى إليك نساءنا وبناتنا» . فغضب المعتضد، وأمره باللحاق به وأن يعتزل عن إفريقية. وولى عليها ابنه أبا العباس.
فكره إبراهيم المسير إلى المعتضد. وأظهر التوبة، ورفض الملك، ولبس الخشن من الثياب. وأمر بإخراج من فى سجونه. وقطع القبالات «٣» . وبعث إلى ابنه أبى العباس وهو بصقلية ليصير إليه الملك، ويخرج له من الأمر. فقدم عليه فى شهر ربيع الأول فسلم إليه الأمر وخرج من تونس. وأظهر أنه يريد الحج. ووصل إلى سوسة، ووجه رسله إلى بغداد بذلك. ثم بعث من يذكر رجوعه عن الحج وخروجه إلى الجهاد «٤» خشية من بنى طولون لئلا تسفك بينهما الدماء. واستقر الناس، ودعاهم إلى الجهاد، ووسع على من أتاه.
وخرج من سوسة لئلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخرة.