والقاضى أبو عبد الله الصيمرى «١» ، والقاضى ابن البيضاوى، بجواز ذلك، ومنع منه أقضى القضاة أبو الحسن على بن محمد بن حبيب الماوردى الشافعى، وجرى بينه وبين من أفتى بجوازه مراجعات، فخطب لجلال الدولة بملك الملوك، وكان الماوردى من أخص الناس بجلال الدولة، وهو يتردّد إلى دار الملك في كل يوم، فلما أفتى بالمنع انقطع، ولزم بيتة من شهر رمضان إلى يوم عيد النحر، استدعاه جلال الدّولة، فحضر خائفا، فأدخل عليه وحده، فقال له:
قد علم الناس أنك من أكثر الفقهاء مالا وجاها وقربا منا، وقد خالفتهم فيما وافق هواى «٢» ، ولم تفعل ذلك إلا لعدم المحاباة منك واتّباع الحق، وقد بان لى موضعك من الدين، ومكانك من العلم، وجعلت جزاء ذلك إكرامك، بأن أدخلتك إلىّ وحدك، وجعلت إذن الحاضرين إليك ليتحققوا عودى إلى ما تحبّ، فشكره ودعا له، وأذن لكلّ من حضر للخدمة بالانصراف «٣» ، والله أعلم.
[ذكر وفاة جلال الدولة]
كانت وفاته ببغداد سادس شعبان سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وكان مرضه ورما في كبده، وكان مولده في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، وكانت مدة عمره إحدى وخمسين سنة، ومدة ملكه ببغداد