[ذكر محاربة محمد بن خرزاد هارون بن عبد الله وما كان من خبر خرزاد ومقتله واستقلال هارون بالأمر بمفرده]
وفي سنة «١» سبع وستين ومائتين كانت الحرب بين محمد بن خرّزاد وهارون بن عبد الله، وذلك أن محمدا جمع أصحابه وسار لحرب هارون، فنزل واسط وهى قرية من قرى الموصل، وكان يركب البقر لئلا يفرّ من القتال، ويلبس الصوف الغليظ ويرقع ثيابه، وكان كثير العبادة والنسك ويجلس على الأرض ليس بينه وبينها حائل، فلما نزل واسط خرج إليه وجوه أهل الموصل، وكان هارون بمعلثايا يجمع لحرب محمد، فلما سمع بنزول محمد عند الموصل سار إليه، ورحل ابن خرّزاد نحوه، فالتقوا بالقرب من قرية شمرخ واقتتلوا قتالا شديدا، كان فيه مبارزة وحملات كثيرة، فانهزم هارون وقتل من أصحابه نحو مائتى رجل، منهم جماعة من الفرسان المشهورين، ومضى هارون منهزما فعبر دجلة إلى العرب قاصدا بنى تغلب فنصروه واجتمعوا إليه، ورجع محمد بن خرّزاد من حيث أقبل وعاد هارون إلى الحديثة فاجتمع إليه خلق كثير، فكاتب أصحاب ابن خرّزاد واستمالهم، فأتاه منهم خلق كثير، ولم يبق مع ابن خرّزاد إلا عشيرته من النسردليّة، وهم أهل شهرزور، وإنما فارقه أصحابه لأنّه كان خشن العيش، وهو ببلد شهرزور كثير الأعداء من الأكراد