للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: «فقيل من وراء الحجاب، صدق عبدى، أنا أكبر» فظاهره أنه سمع فى هذا الموطن كلام الله ولكن من وراء حجاب، كما قال تعالى: (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ)

«١» [أى «٢» ] وهو لا يراه؛ حجب بصره عن رؤيته، فإن صحّ القول بأنّ محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فيحتمل أنه فى غير هذا الموطن بعد هذا أو قبله رفع الحجاب عن بصره حتى رآه. والله أعلم بالصواب.

[ذكر من قال: إن الإسراء كان بالجسد وفى اليقظة]

قد اختلف العلماء على ثلاث مقالات؛ فذهبت طائفة إلى أنه إسراء بالروح، وأنه رؤيا منام. وذهبت طائفة إلى أنّ الإسراء كان بالجسد يقظة إلى بيت المقدس وإلى السماء بالروح. والذى عليه الأكثرون- وقال به معظم السلف- أنه إسراء بالجسد، وفى اليقظة.

قال القاضى عياض بن موسى بن عياض: وهذا هو الحق، وهو قول ابن عبّاس، وجابر، وأنس، وحذيفة، وعمر، وأبو هريرة، ومالك بن صعصعة، وأبى حبّة البدرىّ، وابن مسعود، والضحاك، وسعيد بن جبير، وقتادة، وابن المسيب، وابن شهاب، وابن زيد، والحسن، وإبراهيم، ومسروق، ومجاهد، وعكرمة، وابن جريج؛ وهو قول الطبرىّ، وابن حنبل، وغيرهما، وقد أبطلوا حجج من قال خلاف ذلك بأدلّة يطول علينا شرحها.

قال القاضى عياض: والحقّ [من هذا «٣» ] والصحيح إن شاء الله أنه إسراء بالجسد والروح فى القصة كلها، وعليه تدل الآية، وصحيح الأخبار والاعتبار-